إن أهم حقيقة يمكن الجزم بها حول أسواق الأسهم هي أنها تشهد صعوداً وهبوطا وهو تقلب طبيعي صحي، والحقيقة المهمة الأخرى هي أن أسواق الاسهم بمرور الزمن تميل إلى الارتفاع مع توسع الاقتصاد، لكنها لا ترتفع بخط مستقيم أو معدل نمو ثابت.
ولذلك سنكشف في هذا المقال الستار عن معدل نمو سوق الاسهم العالمي والأمريكي الذي هو يعتبر القلب النابض للاقتصاد العالمي، دون أن نركز على المحلي كما اعتدنا في مقالات الاستثمار السابقة.
متوسط العائد السنوي لسوق الأسهم
تاريخيا، يتراوح متوسط العائد السنوي على الاستثمار في الأسهم الدولية بين 7% و10% على المدى الطويل، هذا المتوسط يأخذ في الاعتبار فترات النمو والركود في الأسواق ويعكس الأداء العام للأسهم على مر الزمن.
علما بأن العائد يشمل إعادة استثمار الأرباح الموزعة ولا يأخذ في الاعتبار تضخم الدولار، والذي إذا أُخذ في الاعتبار قد يقل العائد الحقيقي بنسبة 2-3%، ليبلغ ما قدر متوسطه 7% وهذا فعليا إن دل على شيء فهو يدل على صحة الاقتصاد العالمي خلال الفترات الزمنية الطويلة.
العائد السنوي لمؤشر S&P 500
على المدى الطويل، يبلغ متوسط العائد التاريخي لسوق الأسهم حوالي 7% سنوياً بعد احتساب التضخم، وعند النظر إلى فترات زمنية طويلة بدلاً من التركيز على أي سنة محددة نجد اتساقاً مذهلاً في العوائد.
S&P 500 هو مؤشر للسوق الأمريكي يضم أفصل 500 شركة أمريكية متفرعة في مختلف القطاعات وهو يمثل تقريبا شرايين سوق الأسهم العالمي، منذ إنشاءه أول مرة 1926 حتى 2020 بلغ متوسط العائد السنوي له 10.7% دون احتساب التضخم.
ومع أن هذا الرقم ممتاز جدا ويعكس فعالية الأداء لسوق الأسهم الأمريكي ونظافته، فيجب أن نأخذ في الاعتبار أن هناك تقلبات في السوق تؤثر في هذا العائد السنوي، خلال الأزمة المالية لعام 2008 والركود الكبير انخفض المؤشر بنسبة 57.7% بين أكتوبر 2007 ومارس 2009.
بينما في عام 1933 عندما كانت الأسواق تتعافى من أعماق الكساد العظيم ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 54%، حتى في الفترة من 2011 إلى 2020، عندما كانت العوائد أعلى من المتوسط التاريخي شهدت الأسواق تقلبات كبيرة.
على سبيل المثال، في عام 2018 انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 4.4%، لكن في عامي 2013 و2019 حقق المؤشر عوائد تزيد عن 30%، مما عوّض عن السنوات ذات الأداء الضعيف.
متوسط عوائد سوق الأسهم خلال 10 سنوات، 30 سنة، و50 سنة
من المفيد أن ننظر إلى متوسط عوائد السوق على المدى الطويل، خاصة مع معرفتنا أن السوق يشهد سنوات ازدهار وسنوات ركود لامفر منها وليساعدنا ذلك فهمه آلية عمله بشكل أوضح:
- بلغ متوسط العائد لسوق الأسهم في الفترة ما بين 2011 و2020 نحو 13.9%.
- إذا عدنا إلى فترة أبعد، نجد أن متوسط العائد السنوي لفترة 30 سنة من 1991 حتى 2020 كان 10.7%.
- وإذا عدنا بالزمن إلى الوراء لنقيس متوسط النمو السنوي خلال 50 سنة من 1971، نجد أن العائد بلغ تقريبا نفس القيمة 10.8%.
تأثير التضخم على قيمة العائد في الاسهم
على الرغم من أن هذه الأرقام قد تبدو محفزة لكنها لا تروي لك القصة كاملة.
التضخم، وهو الذي يقلل من القوة الشرائية للنقود يؤثر بشكل كبير على عوائد أي استثمار، ويشوه الصورة الحقيقية لقيمة الأرقام لذلك إذا كنا سننظر إلى العوائد الحقيقة يجب أن نراعي بذلك تأثير التضخم.
على سبيل المثال إذا كنت قد استثمرت دولارًا واحدًا في عام 1991 فسيكون قيمته اليوم 21.25 دولارًا، لكن هذه الأموال لن تكون لها نفس القوة الشرائية اليوم كما كانت في عام 1991 إذا نظرنا إليها من هذه الزاوية فإن هذه الـ 21.25 دولارًا ستعادل ما كان يمكن شراؤه بـ 10.93 دولارًا في عام 1991.
من هنا ينخفض ذلك المتوسط التاريخي للعائد السنوي إلى حوالي 7%، ومع ذلك يبقى الرقم مقبول بل جيد وهو أفضل بكثير من الإدخار بل ستكون المصيبة أكبر في حالة الإدخار إذ سيقلل التضخم من قيمتها بمرور الوقت، إذا كنت ترغب دائما في مراعاة التضخم عند الاستثمار طويل الأجل فاستخدم حاسبة التضخم.
كيف تستثمر في سوق الأسهم مثل خبراء الاستثمار
بعد الركود الذي حدث بين أبريل ونوفمبر 2001، شهدت أسواق الأسهم خاصة مؤشر S&P 500 ثلاث سنوات من الخسائر المتتالية من 2001 إلى 2003 بنسبة -9.11%، -11.98%، و -22.27% على التوالي، مقابل ذلك كانت هناك سنوات ازدهار مثل 1975 ارتفع العائد فيها بنسبة 38.46% و1995 بنسبة 38.02%؛ هذه قد تكون أهم التقلبات لمؤشر S&P 500 على مدى آخر 50 سنة.
الدروس المستفادة من مقارنة النتائج السنوية مع النتائج على المدى الطويل تبرز أهمية الاستثمار طويل الأجل، رغم أن المحللين والمستشارين يمكنهم التنبؤ بانخفاض أو ارتفاع في السوق إلا أنه دائما مايحدث السيناريو غير المتوقع، لا توجد طريقة مضمونة للتنبؤ بالخسائر أو المكاسب الكبيرة في السوق.
من ناحية آخرى يكون من المثالي جدا للمستثمر أن يشتري بسعر منخفض ويبيع مع ارتفاعه تحقيق ذلك ليس بالأمر السهل طبعا، يمكن للأسواق الهابطة أن تنخفض أكثر بينما يمكن للأسواق الصاعدة أن ترتفع أكثر مما قد يخيب آمال من يبيعون مبكرا.
أظهرت الأبحاث أن المستثمرين غالبًا ما يشترون بعد تحقيق الأسواق مكاسب كبيرة، ثم يشعرون بالتوتر ويبيعون عندما تنخفض الأسواق، النتائج المعتادة لهذا النهج هي تحقيق عوائد أقل من المتوقع لذلك في سوق الاسهم ليس هناك قاعدة ثابتة أو سيناريو متوقع.
يعتمد المستشارون الماليون والمتداولون على مجموعة من الأدوات التي توفر لهم معلومات أفضل من الاعتماد على الحدس فقط، تشمل هذه الأدوات أحيانًا:
المتوسطات المتحركة:
تُظهر المتوسطات المتحركة تقلبات الأسعار بمرور الوقت وهو يمنحك فكرة عن الاتجاه العام للسهم، طريقة شائعة هي النظر إلى المتوسطات المتحركة لمدة 50 يومًا و200 يوم عندما تتجاوز هذه المتوسطات عتبات معينة، يستخدمها خبراء الاستثمار أحيانًا لاتخاذ قرارات الشراء أو البيع.
الدورة الاقتصادية:
تتحرك الاقتصاديات صعودًا وهبوطًا من التوسع إلى الركود في ما يعرف بالدورة الاقتصادية، وهي تساعدك في معرفة مكان الاقتصاد في هذه الدورة على اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة، خلال الركود يحاول أصحاب الاستثمارات طويلة الأجل الاستفادة من أسعار الأسهم المنخفضة متوقعين ارتفاعها بمجرد انتهاء الركود الاقتصادي.
معنويات المستثمرين:
يستخدم كذلك بعض خبراء الاستثمار المعنويات أحيانًا لقياس اتجاه السوق والقصد هو معنويات المستثمرين الآخرين، بمعنى مدى ثقتهم في السهم وهل متفائلون أم متشائمون بشأن مستقبله، لأن فعليا يمكن أن يتضخم السهم ويرتفع بشكل غير صحي لينخفض بعدها بشكل رهيب نظرا لانعدام ثقة المستثمرين ويقع من القمة إلى القاع في وقت قياسي وهو ماحدث عام 2006 في السوق السعودي.
بالإضافة لذلك يستخدم بعض الاستراتجيين أساليب في الاستثمار مثل تحديد نقطة وقف الخسارة وهي أداة استثمار مميزة تعمل بشكل تلقائي على بيع السهم حين انخفاضه إلى معدل معين لضمان الربح أو تقليص الخسارة.
ولكن بعيدا عن كل ذلك دائما ما تبقينا خطة الاستثمار طويل الأمد في بر الأمان والتاريخ يشهد، التراكم الزمني كفيل بأن يعوض أي خسائر نتجت عن ركود أو أزمات اقتصادية.